حديث الجمعة 6/4/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين , السلام عليك وعلى جدك وأبيك وأمك وأخيك والتسعة المعصومين بنيك، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك. السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته عشنا في الأيام القليلة الماضية ذكرى عاشوراء الحسين عليه السلام. ذكرى العزة والكرامة ذكرى النبل والآباء. ولا بد من الإشادة بكل الجهود الخيرة التي بذلت في سبيل الاحتفاء بهذه الذكرى الأليمة على النفوس. ولابد من التنويه بالوعي الذي اتسم به هذا الموسم من حيث التقدم النوعي في مسيرة الموكب الحسيني. فحملة التبرع بالدم التي بدأت في السنة الماضية قد ثبتت وتقدمت إلى الأمام وأظهرت الموكب بصورة حضارية مختلفة عن تلك الصورة السابقة التي كانت تظهر الموكب بصورة أقل ما يقال فيها أنها غير حضارية ولا تنتمي إلى مستوى الوعي الذي تعيشه الأمة بفضل الصحوة الإسلامية المعاصرة ، وحينما تكون الأساليب سليمة وواعية فإنها تكون دافعة لكل من يرغب في بناء نفسه وفكره وخطه الإسلامي، وإني في الحقيقة أرى المجال مفتوحا لإخواننا السنة في المشاركة الإيجابية جنبا إلى جنب مع اخوتهم الشيعة، وأنا هنا أحيي الروح الطيبة لإخواننا السنة من الشخصيات والعلماء الأفاضل الذين ساهموا من خلال حضورهم وتبرعهم بالدم في مراسم عاشوراء. ولعل من أبرز فعاليات الموسم لهذا العام المسيرة العلمائية التي دعى لها سماحة العلامة السيد جواد الوداعي حفظه الله حيث أضفت بعداً روحياً جديداً للموكب الحسيني. على أننا نتمنى أن تكون رسالة العلماء مقدمة ومسموعة ضمن القصائد التي تُقرؤ في هذه المسيرة المباركة. أحبتي الأعزاء: أود أن أبيّن أن الخلافات القائمة بين المآتم في بعض المناطق تضاءلت بفضل جهود الاخوة المخلصين و توفر النية الحسنة لدى القائمين على المآتم. وأتمنى أن ما هو موجود من الخلافات بين بعض المآتم القليلة تنتهي وتذهب نهائياً، وذلك باعتماد التقوى، وتغليب المصلحة الإسلامية على كل الاعتبارات الذاتية. ولا يفوتني أن أشيد بتغطية صحافتنا المحلية بالموسم، وأرجو أن يكون حضور الصحافة أكثر انتظاما و مواكبا للفعاليات الشعبية باستمرار لنبتعد قليلا بالصحافة عن الصورة التي عرفت بها من قبل من حيث التركيز على النشاطات الرسمية أو القريبة من أجوائها من الدوائر الرسمية. في الأيام القليلة الماضية تم الإعلان عن تشكيل لجنة تفعيل الميثاق. وهذه اللجنة تقع على عاتقها مسؤولية جسيمة. لقد وقف الشعب موقفا رائعا ودعم توجهات سمو الأمير و صوت بالإيجاب للميثاق بنسبة عالية تمثل إجماعا وطنيا ورغبة قوية في دفع مسيرة الإصلاح. ولي وقفة بعد الإعلان بتشكيل هذه اللجنة التي ضمت وزراء واقتصاديين ومحامين برئاسة سمو ولي العهد والذي نرى أن وجوده فيها سيساهم بدرجة كبيرة في إنجاح دور هذه اللجنة لما عرف منه من انفتاح وتصميم وعزم على تحديث البحرين بصورة تحقق طموح وآمال هذا الشعب. ولاشك أن تشكيل هذه اللجنة بهذه الصورة مع تحديد الجدول الزمني لها عكس الجدية المطلوبة والملحة لتفعيل مبادئ الميثاق ونتوقع في الأيام القليلة القادمة أن تطرح هذه اللجنة برنامجها بصورة علنية تسمح للآخرين بتقديم التصورات والمشاركة في عملية النقدم البناء كما نتوقع أن يحدد هذا البرنامج الأولويات والآليات خصوصا وأن جميع أفراد الشعب يعلق آمالا كبيرة على هذه اللجنة في معالجة القضايا المعلقة الحساسة والتي تشمل ضمان الحريات العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة قضايا الفساد الإداري واعداد البلاد لانتخابات المجلس الوطني القادم. الآن المسؤولية عظيمة على عاتق أعضاء اللجنة المحترمين. هذه اللجنة لابد أن تبذل كل ما لديها من جهد لانجاح المشروع الإصلاحي الكبير الذي يقوده سمو الأمير. لقد كانت احتفالات البحرين رائعة طوال فترة إطلاق سراح السجناء وعودة المنفيين والتصويت على الميثاق، وأما الآن فالدور لأعضاء هذه اللجنة لإظهار ما بالإمكان عمله من أجل أن يشعر المواطن بقيمته في هذا البلد وأن يفخر بالمنجزات التي تتحقق تباعا من أجل رفعة اسم البحرين عاليا بين سائر البلدان. حينما أوجه كلامي إلى أعضاء اللجنة فاني لا أغفل عن عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وصعوبتها. وأود أيضا أن ألفت نظر الجميع من أبناء هذا الوطن الحبيب إلى أن الطريق طويل وأن حل العديد من مخلفات الفترة الماضية قد يستغرق بعض الوقت فلا يجب أن نشعر بالإحباط لو وجدنا أن بعض المواضيع تستغرق وقتا أطول بكثير من الوقت الذي استغرقه الإفراج عن السجناء أو عودة المنفيين. المهم أن يكون هناك التواصل في الحوار بين جميع فصائل المعارضة السياسية في البلد و إيصال الملاحظات والقناعات إلى المسؤولين والى أعضاء اللجنة من أجل الإسراع في التوصل إلى النتيجة المرجوة. وقفة مع صلاة الجمعة: ونظراً لإقامة سماحة العلامة الشيخ عيسى أحمد قاسم حفظه الله صلاة الجمعة فإني أرى من الأمور التي ينبغي بيانها، والتي تحظى بالأهمية في هذا المقام آراء وفتاوى مراجع الدين العظام أعلى الله كلمتهم ورحم الماضين منهم وأيد الباقين، ليكون المكلف على بصيرةٍ من أمره، فأقول وبالله المستعان: 1) في رأي السيد الخوئي قدس سره والشيخ جواد التبريزي دام ظله: صلاة الجمعة واجبة تخييراً بينها وبين الظهر، هذا إذا لم تقم، فإذا أقيمت وجب الحضور على الأحوط وجوباً، فيما إذا كانت واجدةً للشرائط، ولا يشترط في مقيمها الفقاهة. وفي رأي السيد محمد حسين فضل الله دام ظله : اذا اقيمت صلاة الجمعة وجب الحضور. كما ذكر ذلك في رسالتي :" فقه الشريعة و الفتاوى الواضحة" 2) في رأي الإمام الخميني طاب ثراه، والشيخ اللنكراني دام ظلّه: صلاة الجمعة واجبة تخييراً بينها وبين الظهر، والجمعة أفضل فردي التخيير، والظهر أحوطهما احتياطاً استحبابياً، والأحوط من ذلك الجمع بينهما. 3) السيد علي السيستاني والشيخ الفيّاض دام ظلهما، والشيخ الأراكي قدس سره: صلاة الجمعة واجبة تخييراً بينها وبين صلاة الظهر، والجمعة أفضل فردي التخيير، ولا يجب الحضور إذا أقيمت، وإن كان مقيمها فقيهاً. 4) السيد علي الخامنئي والسيد سعيد الحكيم دام ظلهما: صلاة الجمعة واجبة تخييراً بينها وبين صلاة الظهر، ولا يجب السعي إليها عند النداء إليها. 5) الشيخ حسين آل عصفور قدس سره: صلاة الجمعة واجبة تعييناً إذا كان مقيمها فقيهاً أو متجزياً تجزياً قريباً من الفقيه الجامع، هذا رأيه في كتاب (سداد العباد)، أما في (الفرحة الأنسية) فصلاة الجمعة واجبة تعييناً فيما إذا كان مقيمها فقيهاً. ويُفهم من هذا القول أنها تجب مع الفقيه المطلق. وكتاب الفرحة متأخر في التاريخ كما هو المعروف. 6) صاحب الحدائق والشيخ عبد الله الستري طاب ثراهما: صلاة الجمعة واجبة تعييناً وإن كان مقيمها غير فقيه. 7) السيد الكلبايكاني طاب ثراه: قال في كتاب (إرشاد السائل) جواباً على سؤال نصه: (إذا أقيمت صلاة الجمعة هل يجب الحضور وتكفي عن الظهر؟) قال: لا يجب الحضور في زماننا هذا –أي زمن غيبة صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف- ومن صلّى صلاة الجمعة فالأحوط أن يصلي صلاة الظهر أيضاً. 8) الشيخ محمد أمين زين الدين قدس سره: إذا أقامها –أي صلاة الجمعة- الفقيه العادل وجب السعي إليها. هذا في (كلمة التقوى)، أما في كتاب (بين المكلف والفقيه) فهناك بيان أوضح وأوسع وهو كالتالي: (سؤال: هل يكفي أن يكون إمام الجمعة متجزئاً في تحقق شروط الجمعة؟) جوابه: (الشرط في إمام الجمعة أن يكون فقيهاً أما كونه متجزئاً فالأمر فيه مشكل ولهذا فلا يجوز الإئتمام به) هذا وأسأل الله لكم ولي تسديد الخطى والتوفيق لما يحب ويرضى، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.