حديث الجمعة 31/8/2001م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) - المنامة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
ذكرى مولد الزهراء (ع):
أيها الأحبة:
سلام من الله عليكم ورحمة وبركات، وبعد:
فقد قال الله تعالى: (( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)).
إنطلاقاً من هذه الآية المباركة أقول: نحن نعيش الآن أسبوع مولد الزهراء سيدة نساء العالمين (ع) بنص أبيها (ص)، والقرآن حينما دعا إلى تعظيم الشعائر، وأهل البيت (ع) حينما أمروا بإحياء أمرهم، كما في حديث الإمام الرضا (ع): "أحيوا أمرنا يا فُضيل فإن من أحيا أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب". إنما كان الغرض أن نعيش الذكرى عملياً، أن نراجع أوضاعنا ونتلمّس مواقع الضعف والتعرج فيها فنقوّمها على ضوء الذكرى حسب إيحائها، ونستلهم منها الحلول لمشاكلنا، لذلك فهي محطات تربوية وعلاجية يجب أن نستفيد منها.
أحبتي أعزائي:
بما أن فاطمة (ع) هي التي كانت المثل الأعلى الذي أراد الإسلام للمسلمات أن يتمثلنه ويحتذينه، فإنها لذلك هي الرائدة الأولى للمرأة المسلمة، وإن مولدها العظيم لهو مولد المرأة المسلمة التي يريدها الإسلام، فالمرأة التي يريدها الإسلام هي التي تعيش وتطبق منهج فاطمة في الحياة، بحيث تمتلك الوعي الديني، والوعي السياسي، وتقوم بدورها كعنصر مسئول في المجتمع الإسلامي، والحياة ا لعامة.
إن الصديقة الزهراء (ع) في سيرتها وأطروحتها معين لا ينضب، وإن الآفاق التي تفتحها ذكرى مولدها العظيم كثيرة، والدروس التي تقدمها حياتها وكلماتها كبيرة، ومتنوعة.
سنتحدث عن بعضها اليوم وسوف نتحدث عن الباقي في الأسبوع القادم إن شاء الله.
المرأة والإصلاحات:
ففي هذه المناسبة الجليلة يأتي الحديث عن بنات الزهراء اللاتي يُفترض أنهن يعشن ثقافة الزهراء، ويتبنين خط الزهراء ومواقف الزهراء (ع).
والسؤال: هل حقاً يوجد في مجتمعنا أمثال هؤلاء ممن يعشن وعي الزهراء ويلتزمن بخط الزهراء ؟!
لقد تحدثت قبل أشهر في جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز عن دور المرأة في العملية الإصلاحية الجارية، ودعوتهن للاستعداد المطلوب للمرحلة القادمة.
وفي الجانب الثقافي دعوت المثقفات أن يقمن بدورهن في تثقيف أخواتهن عبر الندوات والمحاضرات وما إلى ذلك، ولكني وبعد أشهر أسأل هل حدث شيءٌ ملحوظٌ مؤثر يتناسب مع المهام الكبرى التي ستخوضها المرأة مستقبلاً؟
نعم سمعنا عن فعالية نوعية واحدة فقط وهي التجمع النسائي الأول الذي أقيم في الدراز، وبعده لم نسمع عن أي شيء ولا أدري ما السبب وراء ذلك!!
كلنا نُجمع رجالاً ونساءً ونتفق على أهمية دور المرأة، فما السبب إذن في هذا التثاقل.
أتصور أن غياب الآلية وأقصد جمعية أو مؤسسة تأخذ على عاتقها هذه المهمة يُعد أحد الأسباب وراء هذا التكاسل وإلا كيف نترك أمورنا وقضايانا مبعثرة بم نتوقع أن يكون لنا دور فعّال في هذه المرحلة.
أيها الأخوة والأخوات ايها الأبناء والبنات:
هل هناك غياب لدور المرأة أو تغيُّب؟!
هل هناك جهلٌ لهذا الدور أو تجاهل؟!
ليس المطلوب من المرأة أن تترك منزلها وأسرتها، فهذه مسئولية رئيسية يجب الحفاظ عليها. وليس المطلوب من المرأة أن تتنازل عن عفتها وكرامتها فهذه التزامات أساسية، لا قيمة للمرأة بدونها.
ولكن ألا يوجد أوقات يمكن أن توظفها المرأة خدمةً للمجتمع دون المساس بالواجبات الرئيسية؟!
أليست هناك طاقات نسائية متفرغة تقوم بهذه الأدوار؟
إذن أسألكم جميعاً: من يصنع المجتمع المسلم العادل الآمن المتقدم؟!
هل هي الحكومات فقط؟ هل هي الرجال فقط أم الجميع؟!
صوت الزهراء لن يكون مسموعاً إذا لم يرفعه أحد، وهل غير المرأة يستطيع فعل ذلك؟
ومواقف الزهراء وجهادها لن تكون حاضرةً إذا لم يلتزم بها أحد، وهل غير المرأة يستطيع فعل ذلك؟!
أيها الأحبة:
هذا الخطاب إذا كان موجهاً للمرأة بالدرجة الأولى فهو أيضاً موجّه للآباء والأمهات، فهل سيكون لهذا الخطاب استجابةٌ عملية؟!
قضية القدس:
هذه الأرض التي ما زالت تنزف دماً وما زال الأحرار المخلصون في فلسطين يبذلون الغالي والرخيص دفاعاً عنها.
فبالأمس امتدت يد البغي الصهيونية واغتالت القيادي أبو علي مصطفى في وضح النهار من ضمن سلسلة الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل المجرمة.
وبالأمس احتلّت إسرائيل "بيت جالا" وقبله "بيت الشرق" وقبلهما أراضي 67، وقبل الجميع أراضي 48.
يحدث كل هذا أمام مرأى ومسمع من العالم كله وليس هناك من يستنكر ويردع.
بل هناك من يعمل ليل نهار لتحسين صور إسرائيل وتبرير أفعالها.
في جنوب أفريقيا حيث يُقام مؤتمر "دربان" لمناهضة العنصرية، نسمع دفاعاً أمريكياً شديداً لمنع صدور أي قرار يساوي العنصرية بالصهيونية.
فوزير خارجية أمريكا وهو من أصل أفريقي امتنع عن الحضور اعتراضاً على إدراج هذا البند في المؤتمر.
يا سبحان الله بعد هذا الذي يحدث على أرض فلسطين من قتلٍ وتشريدٍ واغتيال مازال هناك من يدافع عن الصهيونية ومازال يحمل صفة "راعي عملية السلام" !!.
لكني أقول تحية إكبار وإجلال للمناضلين المجاهدين الذين عقدوا العزم على تطهير الأرض من عصابات الصهاينة.
ذكرى الأستاذ أحمد الإسكافي:
ومحلياً ختاماً أقف عند ذكرى المرحوم الأستاذ أحمد الإسكافي التي أبّنت ذكراه منطقة السنابس بالأمس.
والأستاذ الإسكافي المتوفي في 29 أغسطس 1985م في الهند أثناء اغترابه عن البحرين، شخصية عاملة منتجة، فقد ربّى أجيالاً شبابية، ولازالت آثاره واضحة للجميع، فالناشطون في هذا البلد وفي مناطق أخرى من البحرين تربّى كثير منهم على يد هذا الرجل المخلص لدينه ووطنه.
لقد كان –رحمه الله- مثالاً حيّاً للأمانة والقيادة التربوية الإسلامية. لقد أنشأ –رحمة الله- أكبر مشاريع التدريس الأهلي الطوعي في البحرين، وعمل جاهداً لتوحيد الصف، حتى توفاه الله وهو يمارس دوره التربوي الكبير.
وإني لأدعو لاقتفاء أثره، وتطبيق منهجه التربوي، وأن يعمل شباب السنابس على الخصوص على وحدة المنطقة التي سهر الأستاذ وأتعب نفسه من أجلها تغمّد الله الفقيد بواسع رحمته.
وإلى روحه وأرواح جميع شهداء الإسلام، وجميع أموات المؤمنين والمؤمنات رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد.
والسلام عليكم ورحمة والله وبركاته.