لقاء مجلة فدك مع السيد ضياء الموسوي
فـي هذا العدد التقينا مع سماحة
السيد ضياء الموسوي ، وقد دار بين أسرة تحرير المجلة وسماحته الحوار التالي :
نبـــذة مختصـــرة :
السيد ضياء الموسوي متزوج وله ابنان وهما سيد حسين وسيد علي ، درس العلوم
الإسلامية في حوزة قم لمدة عشر سنوات وصل إلى دراسة البحث الخارج ودرس على يد آية
الله السيد كاظم الحائري والسيد حسن الجواهري والسيد حسين الشاهرودي ، أنهى
دراسته الجامعية فهو حاصل على شهادة البكالوريوس في الآداب ويقدم الآن شهادة
الماجستير ، شاعر له مساهمات في الصحافة من شعره عن فلسطين :
أسكر بلادك من دماك فإنمــــــــا ... أرض بلا دم تزول وتذهـــــــــــب
وكن الفتى يهوي الحياة كريمة ... بسلاح همته يصول ويرعــــــــب
وإترك حياة الخائفين فإنهـــــــا ... عيش الضعيف وعيشها لا يطلب
والثأر يؤخذ بالأسنة وحدهـــــا ... والحق دوماً بالجماجم يطـــــــلب
سماحة السيد ضياء الموسوي ..
نشكر جهودكم وعملكم في سبيل خدمة الدين والمجتمع المسلم في بلدنا البحرين .
ونرغب في أن تشاركونا العمل في سبيل وعي أبناءنا من خلال القبول بإجراء هذا
الحوار عبر مجلة فدك ...
************
الحوار المعد ينقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية :
المحور الأول:المحور الوطني :-
فدك : برأيكم هل وصل الشارع البحرينـي إلى مستوى وعي المشاركة السياسية ؟
وإذا كانت الإجابة لا ؛ فما هي الطريقة المثلى فـي وجهة نظركم التـي تساعد على
تنمية الوعي السياسي لدى المواطن ؟
السيد : أعتقد أن المجتمع البحريني قادر على الوصول إلى مراحل متقدمه من الوعي
والوعي أمر نسبي ففي الوقت الذي فيه أثبت الشعب قدرته للوصول إلى خيار المشاركة
الشعبية وحتمية ترسيخ دولة القانون والمؤسسات ورغم أنه يمتلك شرعية تاريخية لا
أحد يستطيع أن يزايد على تاريخه النضالي في تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الغبن
السياسي إلا أنه ما زال هناك بعض تراكيب الخطأ في عقلية جزء من الجمهور في علاجه
للقضايا .
فدك : أين يكمن الخطأ فـي إعتقادك ؟
السيد : أنا أعتقد أن خيار الشعب البحريني وخصوصاً في داخل البيت الشيعي يجب أن
يتجاوز بعض الرؤى وبعض الأفكار والتي اختلقت في ظروف خاصة في تعاطيهم للواقع ،
مثلاً نحن نحتاج أن نرسخ ثقافة التعايش والتسامح فيما بيننا وأن لانكبر ونهول من
حجم الخلافات الأدائية والسياسية التي هي طبيعة في المجتمعات وخصوصاً المجتمعات
الحديثة في تعاطيها للواقع السياسي .
فدك : ماذا تقصد من التعايش ؟
السيد : أعني بذلك التعايش فيما بيننا ، أنا أعتقد أنه ما دمنا نحن في داخل هذا
البيت نلتقي على أصول العقيدة وفروعها ونختلف مع بعضنا في مسائل بعيدة عن ذلك
فهذا لا يعمل على تعميق الخلافات ... وأنا أعتقد أن المآتم الحسينية البحرينية
يجب أن ندخلها بدون استثناء أن لا نحمل عقدة المأتم ولا عقدة التقليد ، لأن
القواسم كثيرة والمستقبل الوطني البحريني يحتاج إلى أناس يلتقون على صيغة عمل
بعيداً عن تسييس الشعار هناك كلمة جميلة للشهيد حسن البنا يقول : ( علينا أن
نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضاَ فيما اختلفنا فيه ) ، علماء الاجتماع
يقولون أن الجيل الواحد لا يتحمل
أكثر من نكسه ونحن في تاريخنا السياسي الحديث مليء بالنكسات وحتى على مستوى
المواقع الاجتماعية نحن نلحظ كيف إن المؤسسات المدنية أصبحت تحزب بطريقة ملفته
للنظر وقد تصب في صالح الفئوية وقد ترهل بالبيروقراطية ونحن ليس لنا أي دور إلا
البكاء على الأطلال لأننا باختصار مشغولون بأنفسنا وفي معارك وهمية التحزب ، قد
يأتي من قوى سياسية ، قد يأتي من نفعيين ، المواقع التي يجب أن يكون للمرأة
المسلمة الملتزمة دور فيها ، أصبحنا لا نرى حضوراً واضحاً فيها ، باختصار لأن
البعض مازال يتعمق في مسائل (عورة الصوت) أو عدم إدخال المرأة ولو بحجابها على
هذه الأماكن رغم أن هناك جدلاً فقهياً في هذا الشأن هناك مصالح عليا ( للإسلام)
هناك في علم الأصول مبدأ التزاحم والذي يعني تقديم ما هو أولى شرعياً وفقهياً
لصالح العقيدة السمحاء في حالة تزاحمه من أمر آخر لكن باختصار الكثير من المواقع
تضيع والسياسة تحتاج متشرعين إستراتيجيين لا إلى ساسه دون شرع ولا إلى شرعيين دون
سياسة.
فدك : هل تعتقد أننا نمتلك كفاءات نسوية وأرجو أن تكون الإجابة بعيدة عن التهويل
فإذا كانت الإجابة نعم ؛ أين هؤلاء النساء ، لماذا لا نراهن فـي الصحافة ، ولماذا
لا نسمع نساء ملتزمات يشاركن في مؤتمرات كبيـرة ؛ وإذا كان هناك حرج فقهي فما هو
تفسيـر وجود المرأة فـي قناة المنار ونقاشها للمفكرين الرجال وحضورهن فـي ساحات
عملاقة مع السيد حسن نصر الله وإلقاءه على النساء كلمات توجيهية ألا تعتقد سماحة
السيد أننا نزايد على هؤلاء فـي مسألة الإحتياطات تجاه المرأة ؟
السيد : أنا أعتقد أن الإسلام لا يمانع دخول المرأة في العمل السياسي والميداني
مادامت ملتزمة بدينها ، أنا أطمح أن تأخذ المرأة المسلمة في البحرين دوراً أكبر
في الصحافة والمؤتمرات وغيرها مادامت منضبطة شرعياً ومادام بعيداً عن المحاذير
الشرعية .
ولذلك أقول ما المانع من مشاركة المرأة الملتزمة في الصحافة والمواقع التي يستطيع
أن تدافع بها عن دينها وعن إيديولوجيتها ، بنت الهدى أخت الشهيد الصدر كانت تمارس
دوراً كبيراً في هذا الاتجاه ، زهراء بنت الإمام الخميني كانت تلقي المحاضرات في
المحافل العامة وكانت محل اعتزاز لدى الجميع ، هناك مؤتمرات في قم مع وجود عدد
كبير من الجمع المبارك للفقهاء تشارك المرأة بحجابها وتلقي مع وجود هذا الجمع
ولعلكم في التلفاز تشهدون نجاحهن ، لا نريد قفزات على واقعنا وأعرافنا نحن نريد
تفهماً في هذا الإتجاه وتوازناً في حدود المعقول فأنا أؤمن أنه لا إفراط ولا
تفريط غداَ سيرشح نساء للمقاعد في البرلمان وستكون في هذا المحفل الكبير ماذا
نفعل إذا لم نهيئ نساء قادرات على المرافعة عن المطالب الوطنية والإسلامية ،
ولنثبت أن الإسلام أقوى من الغرب ومن كل هؤلاء هناك عملية إنضباط ، عملية توازن
ومراعاة للشريعة في كل الأمور يجب أن تأخذ بها .
فدك : سماحة السيد ألا تعتقد أننا نبالغ فـي الخصومة ضد بعضنا حتى فـي أنفسنا نحن
الذين شاركنا فـي بناء هذه المرحلة الإنتقالية ، وإلا ماذا تفسر على الآن تواجد
أنا لا يكلمون بعضهم البعض رغم أنهم سجنوا فـي سجن واحد وعذبوا وربما يلتقون فـي
98% من الأفكار ؟
السيد : المشكلة أننا نبالغ في الخصومة ضد بعضنا بطريقة غير مبررة وأعتقد أن هذا
راجع إلى البنية الفكرية وإلى طبيعة التكوين الثقافي الذي نعيشه ، نحن نحتاج إلى
ثقافة تعايش نحتاج إلى تواصل اجتماعي إلى بث السلام بين بعضنا إلى التزاور إلى
إزالة بعض هاجس الثقة الزائد والغرور من أننا دائماً على صواب والباقي على خطأ ،
كل إنسان يجب أن يضع له مساحة في عقله أنه ربما ما يعتقده من ( اليقينات السياسية
) ربما هي أوهام لذلك أنا لا أجد مبرراً واقعياً أو عملياً ان يكون هناك خصام ،
أنا أعتقد أن العاقل والعقلاني هو من لا يضخم أي خلاف مع إخوانه ، العاقل يفكر في
الإستراتيجيات بعيدة المدى ويحاول أن يستشرف المستقبل وليس ذلك الذي يضيع وقته في
قال فلان وقال فلان وقلد فلان وماذا يعمل فلان ، نحن في عالم الأقوياء في عالم
السرعة والسبق ، وفي عالم ( التكويش ) كل شئ سيأخذ من يدك وأنت ضائع في زقاق
ومختلف على مأتم .
فدك: ما رأيك في التحولات الأخيـرة فـي عملية تعديل الدستور ؟
السيد: هي عملية كانت محل تحفظ الكثير من الشخصيات في البلد ، وتغيير الدستور
بهكذا طريقة لم يكن موفقاً ، لكن أنا أؤمن بالعلاج الحضاري لأي أزمة نمر بها ،
الرجوع إلى الحوار ، وعدم تقطيع الطرق مع أصحاب القرار السياسي في البلد ، وعلينا
أن نعلم وفق هامش الحرية المتاح في توضيح أي وجهة نظر وأن نعمل في إتجاه التصحيح
من الداخل ، محافظين في ذلك على أولوياتنا وهي تأهيل المواطن البحريني سنياً كان
أو شيعياً تأهيلاً إقتصادياً ودينياً وإسلامياً ووطنياً ، لذلك أنا أؤمن بالدخول
في اللعبة السياسية بما يخدم الوطن ، فلندخل الصحافة والإعلام والحوارات الثقافية
ولنلتقي مع أخواننا الأعزاء من أهل السنة لتقريب وجهات النظر ولبناء نسيج مجتمعي
قوي .
فدك: هل تمتلك ملاحظات أو مساءلات نقدية على البيت الشيعي كشخص تعمل فـي إتجاه
تصحيح بعض الثغرات فـي البيت ؟
السيد: البيت الشيعي بيت أنجب مفكرين وعلماء مخلصين في البحرين وربى شباباً
غيورين ولكن هذا لا يعني أنه لا تنقصه بعض الأمور نحن كمتدينين :-
- تنقصنا ثقافة التسامح فيما بيننا .
- تنقصنا تقبل الآخر من بعضنا البعض منا سرعان ما يميل إلى إلغاء الآخر من داخل
البيت لأي ملاحظة صغيرة وهذا خطأ يجب أن نحافظ على رجالنا خصوصاً من وثقنا
بتاريخهم النضالي.
- بعض شعاراتنا تحتاج إلى عقلنه خصوصاً ما نطرحه بطريقة هستيرية في بعض المسيرات
العامة مما يعمل على إخافة الآخر منا بل تكون دائماً في معرض الدفاع عن وطنيتنا
وتبرير مواقفنا بل ويعمل على إهتزاز الثقة بيننا وبين السلطة ونحن في أمس الحاجة
إلى تقوية العلاقة بما يخدم الشعب والوطن.
المحور الثاني : المحور الثقافي :-
فدك : لمن تقرؤون سيدنا ، وما هي ميولك على المستوى الثقافـي ؟
السيد : أنا أحب الشعر والأدب العربي ، أكتب الشعر العمودي لأن تخصصي في الجامعة
في الأدب العربي ، أحب أن أقرأ كثيراً في القضايا الثقافية بشكل عام ، أحب قراءة
الكتب السياسية خصوصاً لهيكل وعادل حمودة ، وفي الشعر أميل للجواهري وفي القضايا
البوليسية أحب قراءة أجاثا كرستي ، أما في العقائد والقضايا الفكرية فالسيد الصدر
ومطهري .
فدك : هل تخشى من الحداثة ؟
السيد : نعم ، الكتب الحداثية إذا إنفلت فيها الشاب دون أن يكون مرتكزاَ على
عقائد قوية قد يصبح من اللاإراديين الديكارتيين يشكك في كل شيء لا يوجد عنده
ثابتة يستند عليها .
فدك : ألا يعتبر هذا إرهاب ثقافي أو تخوف من الآخر ؟
السيد : لا أبداً أنا أقرأ للجميع أقراً لسلامة موسى ولويس عوض وعلي حرب وصادق
الجلال المعظم وإلى كل هؤلاء لكن لم أتأثر بأطروحاتهم العقيدية ولكن الشاب الذي
لم يدرس يوماً كتاب عقيدة ألا تعتقد أنه سيقع في مأزق كبير ..
نحن يجب أن نحصن أنفسنا أولاً وهذا يعني أن الثقافة محصورة في بعض الكتاب ، هناك
كتّاب مثقفون يطرحون أموراً عامة بعيداً عن القضايا العقيدية ، مشكلة هؤلاء
الكتاب يحللون ويفتون في القضايا الإسلامية وخصوصاً التأصيلية بخلفيات ماركسية أو
ليبرالية فهي لا تخلو من إسقاطات مفتعلة أو مسبقة .
فدك : وهل سيدنا فعلاً تخشى من الحداثة على الشباب ؟
السيد: نعم ، أقولها وبكل صراحة وبعيداً عن المجاملات ، الكتب الحداثية مؤثرة على
شبابنا ، المسألة تحتاج إلى ضبط لا إلى صراخ تحتاج إلى منهجية علمية وإلى تدريس
الشباب كتب ثقافية ناضجة ونناقش أيضاً هذه الكتب الحداثية بعلمية وإطلاع بعيداً
عن الهوامات وأنا أخشى من كتب الحداثة التي تناقش المسائل الدينية بطريقة ليست
معرفية وإنما بمسبقات فكرية وأحكام قطعية دون أن يمتلكوا أدوات الإجتهاد أو
الحكم.
فدك : هل تمتلك منهجاً في ذلك ؟
السيد: نعم ؛ أنا عندي بحوث أزعم أنها علمية ترد على المواضيع التي جاءت في هذه
الكتب وتتناول العقيدة وكلامي عن الخلل الموجود في هذه الكتب خصوصاً المواضع التي
جاءت في سياق الرد على الإسلام لا على الفكر الإسلامي .
فدك: ألا تعتقد أن الشباب المثقف أصبح ينحسر عن المساجد والسبب فـي ذلك أو جزء
السبب غياب الاحتضان الثقافـي لهؤلاء ؟
السيد: بعيداً عن الأسباب أنا أقول نحن بحاجة إلى تواصل ثقافي .. وأنا على
إستعداد للتواصل الثقافي والفكري معهم ، وأحب أن أكون صديقاً لهم وأنا مستعد
لتلقي أي نقد أو أي مساءلة ثقافية وليستفيد كل واحد منا من الآخر .
ثالثاُ : المحور السياسي :
فدك: سماحة السيد .. شهدت النظم السياسية الخليجية فـي الآونة الأخيـرة جملة من
التطورات السياسية الهامة التـي تصب فـي إتجاه تدعيم قضايا المشاركة السياسية
وتوسيع تجربة الإنفتاح الديمقراطي وذلك عبر العديد من الآليات والأدوات لعل
أبرزها فـي البحرين ، فهل للمجتمع المدني المؤسساتي الدور الكبيـر فـي دعم الحياة
الديمقراطية فـي الخليج بشكل عام والبحرين بشكل خاص ؟
السيد: المتتبع للتحولات السياسية في العالم العربي والتي تتجه نحو تفعيل
المؤسسات الأهلية ... يصل إلى قناعة أن المؤسسات الأهلية تعمل بإتجاه الحد من
مركزية الدولة وتساهم في توسيع القوة السياسية بين الأطراف المشتركة في العمل
السياسي من دولة معارضة .. فتضفي توازناً نسبياً بين جميع الأطراف فدور هذه
المؤسسات هي المساهمة في صياغة القرار السياسي وخصوصاً المؤسسة الكبرى ( البرلمان
) .
لكن هناك شروط يجب توفرها حتى تكون هناك مشاركة حقيقية .. لأن الديمقراطية
الشكلية أو التقطيرية أو ما يسمى في علم السياسة بالديمقراطية الموجهة هي
ديمقراطيات الشكلية هي دكتاتورية مقنعة .
ومن الشروط :-
1- إستقلالية هذه المؤسسات مالياً وإلا أصبح قرارها ليس في يدها .
2- إخراجها من التسييس من قبل كل الأطراف.
3- إخرجها من بيروقراطية الأحزاب.
4- شرعنتها وأسلمتها بما يتوافق مع الإسلام.
فدك: هل تؤمن بمقولة (الإسلام الديمقراطي)؟
السيد: أنا أتحفظ على هذا الدمج .. لأن الإسلام إيدلوجية لها خصوصيتها وكذلك
الديمقراطية. ولعل العلاقة عموم وخصوص من وجه كما يقول المناطقة..
فالإسلام مثلاً يؤمن بالحرية ولكن لا السائبة بل بما يتماشى مع الشرع..الحرية
المنضبطة .
وهي في التعددية الثقافية .. ففي المنهج الليبرالي تعد رواية سلمان رشدي رواية
فنية إبداعية تقع في إطار حرية الرأي .
ففي حين هي في ضمن الطرح الإسلامي رواية تجريحية نالت من رسول الله وزوجاته ونحن
عندنا في الفقه من ينال من رسول الله (ص) حكمه القتل .. أنا لا أقول أن
الديمقراطية والإسلام في تباين .. وحرب ، ولكن نحن نحمل إيدلوجية إذا إختلفت
أطروحة معينة مع ثابت منها فنحن نتمسك بثوابتها أي بثوابت أي بثوابت الإسلام لا
بثوابت الأطروحات الديمقراطية وخصوصاً في التعددية الثقافية .
فدك: هل هناك إختلاف بين المفكرين السنة على الديمقراطية ؟
السيد: نعم .. فالغنوشي يؤمن بالإسلام الديمقراطي أي يؤمن بالنظرية التوفيقية كما
جاء في كتابه (الحريات العامة) ، وكذلك د.حسن الترابي في كتابه ( حوارات في
الديمقراطية والإسلام) أما حركة إخوان المسلمين فتؤمن بالديمقراطية كتكتيك لا
كاستراتيجية ولا تؤمن بالتوافق وكذلك حركة الجهاد الإسلامي فهي تؤمن بذلك ..
ولازال هناك جدل عن الأستاذ حسن البنا حول إيمانه بالأحزاب أم لا والتي هي تعد
النخاع إلى المنهج الديمقراطي . ولمزيد من تسليط الضوء على ذلك يمكن الرجوع إلى
كتاب ( التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية) للدكتور حيدر إبراهيم نشرته مركز
دراسات الوحدة العربيةز
فدك: ماهو رأيكم بخصخصة مؤسسات القطاع العام ؟
السيد: أنا أتحفظ على خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام لأن خصخصتها يعني وصولها في
يد تجار أو شركات ستعمل على نظرية الربح السريع ، والذي سيكون على حساب المواطن
فلو نفذ مثلاً خصخصة وزارة الكهرباء والماء .. لوقع المواطن البحريني في يد شركة
همها الوصول إلى المال وظاهرة خصخصة القطاع العام تعد ظاهرة مخيفة جداً و لا تخلو
من إهدار لمؤسسات المجتمع والمواطنين ، وهي ظاهرة أثارت جدلاً واسعاً في مصر لأنه
تضييع إلى مؤسسات الوطن ، المؤسسات المهمة والمركزية ووضع المواطن في رحمة
الشركات العملاقة.
لكن الكلام يختلف في مسألة الإعلام فخصخصة الإعلام يعد طريق إلى الشفافية ومزيد
من رفع الرقابة وهي عملية تحتاج إلى دراسة .
فدك: هل لديكم إطلاع على الدراسات والبحوث الإستراتيجية؟
السيد: أقرأ للدراسات الإستراتيجية وهي بحوث علمية تقدمها بعض المراكزالعلمية.
ولكن ما أحذر منه هي الكتب التي تجعل الشاب إنساناً يشكك في كل شيء ، حتى تجعله
لا يستقر على أمر ونحن كإسلاميين عندنا ثوابت لا يمكن بحالة من الأحوال أن نقفز
عليها.
فدك: سيدنا هل تؤمن بالتخصص فـي تناول القضايا الإسلامية خصوصاً فـي القضايا
التـي تحتاج إلـى قضاء فقهي ؟
السيد: بالطبع .. في القضايا الفقهية لا يجوز الإفتاء فيها إلا للفقيه ، لذلك أنا
أتعجب من بعض المثقفات في العالم العربي كتوجان الفيصل كيف تسمح لنفسها بالإفتاء
في القضايا
الفقهية دون أن تحترم التخصص ، مثلاً يذكر فيصل العوامي في كتابه (المثقف وقضايا
الدين والمجتمع) أنه في مقابله لتوجان الفيصل مع أحد الصحف الأجنبية عندما أشكل
عليها في (فتواها) في الدين قالت : ( الإفتاء لا يحتاج إلى كل هذا التعقيد فقط
عندما يتمكن الإنسان من قراءة صحيح البخاري وصحيح مسلم ويقرأ نظريات ماركس ويطلع
على أدب شكسبير فإنه يكون مؤهل للإفتاء في الدين).
أنا أؤمن بالإنفتاح المتزن .. أؤمن بالرجل المطلع على المعارف الإنسانية وآخر ما
توصل به الإنسان في منتوجه البشري لخدمة البشرية والإنسانية ولكن لا أؤمن بهذه
العبثية الفوضى في القضايا الإسلامية وغيرها .
فدك: هل ستموت الأيدلوجيا فـي زمن العولمة سواء أكانت إسلامية أو غيـر إسلامية ؟
السيد: العولمة .. هي خطر ، في الحقيقة لذلك حتى الكتب الغربية التي عالجت هذا
الموضوع تركز على خطر هذا الكابوس مثال كتاب (فخ العولمة) ، (نذر العولمة).
فدك: ما خطر العولمة ؟
السيد: العولمة تمثل تهديد لثقافتنا ولخصوصية مجتمعاتنا وهي تهديد لسيادة البلدان
ايضاً ، هي تنتقص حتى من سيادة بلداننا وخصوصية العولمة الأمريكية هي الأقوى ،
يعني اليابانيون يتحسسون منها ، الدولة الفرنسية كذلك ، أما نحن العرب فنحن
غربيون أشد من الغرب ومتعولمون أشد من العولمة.
الآن يوجد في العالم 1000 ثقافة معرضة للتهميش بسبب العولمة ، وهناك حداثة بالغة
العبثية وإنظر إلى بعض شعرهم :
أحد الحداثين :
لا الله أختار ولا الشيطان
كلاهما جدار
كلاهما يغمض عيني
فهل أبدل الجدار بالجدار
سماحة السيد .. نرجو أن نكون موفقين في طرح أسئلتنا المتواضعة ، وأن نكون معكم
تحت ظلال عرش ربنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم .