{الحركات الإسلامية بين الإصلاح وتهمة الإرهاب}سماحة الشيخ حسين النجاتي 04-04-2005م

 

ويقول: لا تهاجموا الدول الكبرى بشكل علني وسافر

الوسط - محرر الشئون المحلية

دعا عالم الدين الشيخ حسين النجاتي إلى "عدم الارتجالية في الهجوم على مواقف وسياسات الدول الكبرى بشكل سافر وعلني"، مؤكدا أن ذلك لا يخدم الحركات الإسلامية الإصلاحية، مطالبا بـ "التواصل معها لتوضيح المواقف والرؤى لها"، وأكد نجاتي أن "التواصل مع الأميركيين لا يعني إنكار هجمتهم على الإسلام، وتأييدهم للسياسة الإسرائيلية، نحن نتكلم هنا عن التواصل مع أكبر الدول العالمية لكي نقدم رؤية صحيحة لهم عن أنفسنا". جاء ذلك خلال محاضرة له في مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري، كان عنوانها "الحركات الإسلامية بين الإصلاح وتهمة الإرهاب".

وابتدأ نجاتي محاضرته، بالثناء على الشيخ عبدالأمير الجمري وما قام به خدمة للإسلام والوطن، كما طالب نجاتي الدولة بأن تسمى أحد الشوارع الرئيسية في المملكة باسمه.

ستة أسباب للاتهام

وقال نجاتي في محاضرته: "إننا نعرف جميعا أن كثيرا من الحركات الإسلامية في العالم اتهمت بتهمة الإرهاب، ومع قطع النظر عن مدى صدقية هذه التهمة، لابد لنا أن نسأل: ما هي أسباب توجيه التهمة، وما هي أسباب القبول بها في قناعة كثير من الشخصيات والدول في العالم، وما هي المعالجة الصحيحة للموضوع؟"، مضيفا هذه التهمة أوجبت ضعف الحركات الإسلامية الإصلاحية في كثير من المواقع كانت لذلك أسباب كثيرة، ولكن أهمها ما يلي: أولا: عدم شفافية مفهوم الإرهاب، فهو مفهوم زاد استخدامه في السنوات الأخيرة ، وذلك على إثر حصول بعض العمليات العسكرية من ناحية بعض الحركات الإسلامية ضد بعض الدول الغربية وغيرها، فاستشرى استخدام المفهوم قبل وضع تصور وتحديد وتعريف دقيق وواضح له، وإلى الآن المراجع الدولية كمجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها لم تتفق على تعريف له، فهناك خلاف في شموليته لكثير من الأنشطة أو عدم شموليته لها. وعدم شفافية المفهوم صارت سببا لتوجيه تهمة الإرهاب - أحيانا - بغير حق إلى الحركات الإسلامية الإصلاحية، ومن اللازم مشاركة هذه الحركات في الجهد المبذول لوضع تعريف للمفهوم في المراجع الدولية، فلابد من إعداد الدراسات والتواصل مع تلك المراجع لكي تتضح لها رؤى الحركات الإسلامية. وأعتقد أن هناك درجة من التقصير هنا من ناحية الحركات الإسلامية مما يجب معالجته".

وتابع نجاتي "ثاني الأسباب هو سوء استخدام المفهوم من ناحية بعض القوى الفاعلة السياسية في الساحة الدولية ضد بعض الحركات الإسلامية، وذلك لبعض الأغراض الظالمة، نظير توجيه الإسرائيليين تهمة الإرهاب إلى الفلسطينيين الذين حرموهم من أرضهم وكرامتهم ولقمة عيشهم وأمنهم وعزتهم، فإذا ما أراد الفلسطيني الدفاع عن أرضه وكرامته اتهم بالإرهاب، والواقع إن هذا السبب الثاني نتيجة للسبب الأول، وإذا ما عولجت قضية المفهوم فإنه سيساعد على المنع من سوء استخدامه إلى حد ما".

شرط المصلحة

وأردف "ثالثا: سوء فهم الكثير من الحركات الإسلامية للإسلام وأهدافه الكبرى، وكيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفريضة الجهاد، فنحن نعرف أن الجهاد من الفرائض الكبرى في الإسلام، وأيضا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهكذا الدفاع عن حياض المسلمين وأرضهم وكرامتهم، هذا لاشك فيه، ولكن كل هذه الأمور وغيرها في الإسلام لها شروط ثابتة لابد من معرفتها ودراسة توفرها بشكل دقيق وعدم الارتجالية في ذلك، وحتى إذا ما توافرت الشروط أحيانا فلابد من ملاحظة المصلحة، وألا يكون السعي لتطبيق فريضة من الفرائض ضرره أكبر من نفعه للإسلام، والمرجع في تشخيص ذلك ليس شخصية واحدة أو مجموعة منها، بل القضية تحتاج إلى الاستشارات الفنية والدراسات بالاستعانة من الخبرات المختلفة، حتى لا نهدم الإسلام بدلا من الدفاع عنه، لأن الوضع السياسي والإعلامي الدولي أصبح دقيقا وحساسا جدا، بحيث أن خطأ صغيرا قد يلحق ضررا كبيرا بالإسلام والحركة الإصلاحية".

لا تهاجموا بشكل سافر

وأوضح نجاتي أن أحد أسباب اتهام الإسلاميين بالإرهاب هو "عدم إجادة فن التعامل الصحيح مع الأنظمة السياسية التي يراد إصلاحها، إنه لمن المؤسف أن الكثير من الشخصيات والحركات الإسلامية التي تتعامل مع السياسة، وتسعى لقيامها بواجبها الشرعي وهو السعي للإصلاح تفتقد الكفاءة السياسية الفنية للقيام بهذا الواجب، بينما نجد أن الأنظمة السياسية التي يراد إصلاحها تمتلك الكفاءات العالية وآليات دقيقة لتشخيص الوضع واتخاذ القرار، إن مجرد الكفاءة العلمية في فهم الإسلام لا يوفر للشخص أرضية العطاء السياسي المفيد للإسلام والأمة، بل الأمر يحتاج إلى التوفر على الكفاءة الفنية والسياسية أيضا، والمهارة الفائقة في معرفة الوضع ورصد وتنبؤ المستقبل ومعرفة مخاطره وتحدياته، والتواصل مع الأنظمة السياسية حتى الفاسدة بغية إصلاحها من خلال هذا التواصل قبل التفكير في آليات أخرى قد تولد ضررا كبيرا، والتواصل مع الشخصيات والمرجعيات السياسية الدولية، وعدم الارتجالية في الهجوم على مواقف وسياسات الدول الكبرى بشكل سافر وعلني، بل محاولة التواصل معها لتوضيح المواقف والرؤى لها. وخامس هذه الأسباب هي: ثقافة الاستبداد في الرأي وعدم الإيمان العملي بمسألة التشاور مع الأفكار المختلفة، والاعتقاد بأفضلية الفهم وأصوبية الرأي من دون احتمال أن يحمل الغير صوابا قد غفل عنه.

وأيضا عدم الإيمان بالتعددية في العمل السياسي، إن كثيرا من الأضرار التي لحقت بالعمل الإسلامي السياسي ناتج عن هذا الاستبداد وعدم الإيمان بالتعددية، ذلك لأن التعددية وإعطاء الفرصة للأفكار الأخرى بالظهور بل والاستماع إليها وتجربة أفكارها يشكل منبعا فياضا لخدمة الدين والأمة، وآخر أسباب الإسلاميين بالإرهاب هو عدم فهم و إدراك أهمية العمل الإعلامي، و عدم إجادة استخدام آلية الإعلام، وأساليب التعبير البناءة، انظروا الدول الكبرى كيف تعبر عن مواقفها وكيف تختار الكلمات وكيف ترتب الجمل وكيف تدرس التعبير، ثم تأتي بالعبارات والجمل الأكثر عطاء والأقل خسارة بمقتضى المصالح المنظورة لها، وهذا الجانب مغفول عنه مع الأسف الشديد إلى حد كبير في عمل الحركات الإسلامية".

وفي سؤال وجه لنجاتي عن سبب دعوته إلى التواصل مع الدول الكبرى وفي مقدمتها أميركا على رغم هجمتها الشرسة على الإسلام، أجاب نجاتي: "التواصل مع الأميركان لا يعني إنكار هجمتهم على الإسلام، وتأييدهم للسياسة الإسرائيلية، نحن نتكلم عن التواصل مع أكبر الدول العالمية، لتقديم رؤية صحيحة لهم عن أنفسنا، قد تكون قويا في موقفك، ولكن يجب أن توصله بالأسلوب الصحيح، إن السياسة كما يقال هي فن الممكن، لا خلاف على ما فعلته أميركا، ولكن هذا لا يعني أن نرتجل في الهجوم". عن رأيه في العمل الإعلامي الذي تقوم به جمعية الوفاق، قال نجاتي: "أرى أن العمل الإعلامي للوفاق قليل جدا"، وعما إذا كان هناك تشاور بين العلماء في البحرين، بشأن القضايا المختلفة، أجاب "التشاور موجود بين العلماء، ولكنه ليس بالمستوى المطلوب"، وعن رأيه بالنسبة للتواصل مع الدولة، أكد "أن الأبواب ليست مغلقة في معظم الأحيان، وحتى لو فرضنا ذلك فإنه لا يجب أن نعمد إلى القطيعة، بل نعمل على التواصل بأشكال أخرى"، وعن رأيه في التحول الفكري داخل الحركات الإسلامية، أوضح نجاتي بأنه "حدث تغيير كبير في فكر هذه الحركات، إذ تم التحول من فكر الثورة إلى فكر التفاوض، وهذه هي الثقافة الرائجة الآن". وعما إذا كانت الحركة الإسلامية في البحرين، من إشكالات، أشار إلى أن "الحركة تعاني من بعض الإشكالات، وسيسعى بعض الإخوة لحل هذه الإشكالات"

 

 مصدر المقال: صحيفة الأيام - www.alayam.com