شدد مع خالد على نبذ "التمييز الطائفي"

سلمان: لا خيار للوحدة الوطنية غير معيار المواطنة

11-8-2004م

بني جمرة خليل عبدالرسول

دعا رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان الحكومة والقوى الشعبية إلى اعتماد معيار المواطنة وتأسيس الوطن عليها للوصول إلى وحدة وطنية حقيقية، مؤكدا "ليس لدينا خيار آخر"، منتقدا بشدة التمييز بين المواطنين على أساس طائفي أوعرقي أوعائلي، داعيا جميع الأطراف إلى عدم التفرج والرضا بهذا التمييز، وقال: "إذا وافقت فئة على واقع الفساد لمكاسب آنية فلن تجني وأجيالها الخير من ذلك في المستقبل".

جاء ذلك في الملتقى الحواري الذي شهده مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري ليل أمس الأول "الاثنين" بحضور شخصيات وطنية وإسلامية متنوعة، منها النائب محمد خالد الذي أيد دعوة سلمان إلى نبذ التفرقة الطائفية، وانتقد "ما يثيره بعض علماء ومؤسسات الطائفتين ويؤدي إلى تعزيز الفرقة". ورأى سلمان أنه "يمكن للوحدة الوطنية أن تتحقق من خلال الشعور بالانتماء إلى الوطن وهذا ما نعيشه جميعا، ومن خلال المواقف الوطنية المشتركة، ونحن بحاجة إلى معالجة بعض مواقفنا، وكذلك شعور المواطن بعدم تمييزه عن المواطن الآخر لسبب منطقته أو مذهبه أو عائلته أو عرقه، وأن يشعر بأن الوطن هو مصدر أمنه واستقرار عيشه لننفي عنه حاجته إلى البلدان الأخرى أو حاجته إلى الطائفة أو العائلة على حساب الوطن"، مستدركا "إن شعار الوحدة الوطنية في البحرين بحاجة إلى ترميم وقراءة دقيقة من مختلف الأطراف"

الشعور بالوطنية

وكان سلمان أشاد في بدء حديثه بمواقف الشيخ عبدالأمير الجمري الذي وصفه بـ "معلم من معالم الوحدة الوطنية"، متحدثا بعد ذلك عن معنى الوحدة الوطنية، موضحا "نقصد بالوحدة الوطنية التي نطالب بتعزيزها أن يوجد شعور وطني مشترك، فنشعر أننا ننتمي إلى كيان واحد، وأرى بدرجة كبيرة وجود انصهار في المجتمع البحريني حول الأرض والتاريخ، فمهما تكن الاختلافات والشعور بالغبن فهناك شعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء إلى الوطن. وعلى رغم أن البحرين بطبيعتها تتشكل من جناحين سني وشيعي، فهي كالطير بهذين الجناحين وإن كان له لون طائفي، إلا أن كلتا الطائفتين لديها الشعور بالوطنية". وأضاف "إن المواطن لا يلجأ إلى الطائفة أو العائلة أو العشيرة "كما هو في العراق اليوم" إلا إذا شعر بأن الوطن لا يحميه والوطنية "ما تأكله عيش"، فعلى سبيل المثال إذا لم يجد المواطن الشيعي في مدينة حمد المواطن السني يدافع عن حقه في بناء مأتم فسيلجأ إلى الطائفة في ذلك".

المواقف الوطنية

وأسهب سلمان في حديثه عن المواقف الوطنية التي وقفتها الطائفتان في البحرين، فذكر أنه "يردد أن الشيعة في البحرين ولاؤهم لإيران وهم يريدون الانسلاخ من عروبتهم على حساب هذا الولاء، وهي حجة انطلت على الدول المجاورة والحال السنية عموما في البحرين، ولا يتم الوقوف ضدها بجدية بل تصدق بسهولة".

وأشار إلى أن موقف الشعب البحريني من ميثاق العمل الوطني يعكس صحة قوله، وردا على سؤال للناشط عبدالله العباسي: "هل مازال ولاء الشيعة إلى البحرين وليس إلى إيران بعد مجيء "الملالي" الذين تحترمونهم؟"، أجابه "أقول لك بكل صراحة ووضوح إننا ننتمي إلى البحرين بنظامها الحالي ولا ننتمي إلى إيران بنظامها الحالي، أما حبنا للمراجع والفقهاء والعتبات المقدسة سواء في إيران أو العراق فهو حب وعقيدة لا يمكن انتزاعهما من قلوبنا".

وأضاف سلمان "لقد روجت دعاية في المنطقة على أن الحركة المطلبية في البحرين ليست للمطالبة بدستور العام 1973 بل انها "عمالة إيرانية"، وانعكست نتائج هذه الدعاية على القبول بقمع هذه الحركة حتى مع محاصرة القرى "في التسعينات" فلا أحد يقف معك بحجة أنك منتم إلى إيران".

وأضاف عن المواقف الوطنية قوله: "إنها قد تعبر عن عصبية أحيانا، ونحن لا نقف ضدها بل نمارسها إذا لم تكن تتعارض مع الإسلام، فحين تحدث أحد العلماء الإيرانيين "روحاني" عن البحرين قلنا له بكل صراحة اننا بحرينيون، وعندما كنا في لندن دافعنا مع زملائنا في المعارضة عن حقنا في جزر حوار".

التمييز الطائفي وواقع الوحدة

وانتقد سلمان عدم توظيف المواطنين الشيعة في وزارتي الدفاع والداخلية، الذي جاء - بحسب قوله - ليطعن في التاريخ والانتماء الوطني، كما يشكل التوظيف والترقيات واقعا تمييزيا مجحفا، وغير ذلك من واقع الفساد، وشدد على أن موافقة أية فئة على هذا الواقع لمكاسب آنية لا يمكن أن تجلب لها ولأجيالها الخير في المستقبل.

وعن ذلك قال النائب محمد خالد: "لقد التقينا أخيرا بوزيري الدفاع والداخلية وأكدا لنا أنهما سيوظفان المزيد من أبناء الطائفتين"، منتقدا في جانب آخر سياسة التوظيف "في السنوات الأخيرة" في وزارة التربية والتعليم على أساس طائفي، إذ توظف الوزارة الشيعة "لإرضائهم" مع أن بعضهم من غير المؤهلين ما ستكون له أضرار مستقبلية.

التجنيس والجيش

أما أحمد المطيري، فقال: "يحز في نفسي أن أسمع كلمة شيعي وسني بل الأجدى أن نقول وطني، وأود السؤال عن صحة ما قاله أحد المسئولين من أن التجنيس في الجيش يأتي لعدم ثقة النظم بالشيعة"، فرد الشيخ علي قائلا: "لا يمكن جلب الأمن الاستراتيجي مع استمرار سياستي التجنيس والتمييز، وإذا كانت الحكومة تتذرع بعدم ولاء الشيعة إلى الوطن فهذا ليس صحيحا، ونحن كلما أكدنا ذلك تتذرع الحكومة بعدم ولائنا، وإذا كان التخوف من توظيف الشيعة في الجيش فلماذا لا توظف في الشرطة؟ فهل سمعتم أن الشرطة تقوم بانقلابات؟".

وانتقد سلمان مواقف للطائفتين لا تتناسب والوحدة الوطنية، فقال: "إن الموقف السني في البحرين لا يرتقي في قواه الدينية والسياسية إلى الممارسة الواقعية والعملية القوية ضد ممارسة التمييز الطائفي إلا في بعض خطاباتهم أو على الأقل عدم ممارسة التمييز الطائفي مع القبول به. كما أن الطرف الشيعي أثار المخاوف لدى السني، ومنها ممارسته استخدام مصطلح "الغالبية"، وبعض الممارسات العفوية في حمل أو توزيع صور المراجع في ظل اتهامات من الحكومة بالانتماء إلى إيران".

مضيفا "صحيح أن الشيعة ضحية للتمييز ولكن لا يبرر أن يثيروا المخاوف، فعليهم ألا يمتلكوا أي برنامج طائفي وأي شعار أو ممارسة طائفية، وأنا أرى أن التوظيف في وزارتي الصحة والكهرباء مثلا إذا ما تم على نهج طائفي بتوظيف الشيعة من دون السنة فهذه هي الطائفية التي نرفضها أيضا، وليس هناك فرق بينها وبين عدم توظيف الشيعة في الوزارات الأخرى سوى الفرق في مقدار الفرص المتاحة لذلك".

 

ليس إلغاء للمذهبية

وقال سلمان: "إن الوحدة الوطنية لا يراد منها إلغاء المذهبية، إذا ما كان مصطلح الطائفية بغيضا، وعلى النظام السياسي أن يعترف ببقاء المذاهب الدينية والأعراق من دون أن يؤثر ذلك على الوحدة الوطنية، وعلى الطائفتين احترام حريات بعضهم بعضا في ممارسة حرياتهم واعتقاداتهم وألا يطعنوا الوحدة الوطنية". وشجع ذلك النائب خالد قائلا "أعتقد أننا سننجح في مسألة الوحدة الوطنية على المدى البعيد إذا أخلصنا فيها، وهي لا تعني طبعا التنازل عن المذهب السني أو الشيعي".

وأضاف سلمان "كما أنه من حق المواطنين من ذوي الأعراق المختلفة ألا نحرمهم من ثقافتهم ولغتهم الثانية، فذلك يعد ثراء للوطن، وعلى سبيل المثال لا مانع من أن ينشئ ذوو الأصول الإيرانية مدرسة خاصة يتعلمون خلالها اللغتين العربية والفارسية ويحتفظون فيها بثقافتهم التي لا تتعارض مع انتمائهم الوطني إلى البحرين، فهناك مدارس خاصة للآسيويين، وهذا ينبغي ألا يؤثر على الوضع الوطني بل يثريه".

وفي سؤال عن انقطاع التواصل السني- الشيعي بعد الزيارة التي قام بها الشيخ عبدالأمير الجمري لجمعية الإصلاح قبل عدة سنوات، قال سلمان: "لولا المفاسد السياسية لكان التقارب بين الطائفتين سهلا، وأرى أن التقارب لم ينقطع يوما ما، أما بخصوص تلك الزيارة فإنني أرى أن غياب الجمري مؤثر، بينما لم تتفاعل "الإصلاح" مع الزيارة بشكل كبير لأنهم برروا ذلك بوجود ضغوط عليهم قائلين لا نستطيع أن نذهب معكم إلى أبعد من هذا الحد، وإنني أرى أنه ليس هناك رموز جادة "حتى على مستوى العالم الإسلامي" تتحرك في اتجاه دفع ضريبة نتائج الوحدة الوطنية".

وفي مداخلة النائب خالد ذكر أنه تعرض للانتقاد واللوم عن طريق سيل من المكالمات الهاتفية تستنكر حضوره في أحد مآتم قرية بوري، قائلا: "هذا الخلل يدل على تراكمات كثيرة يجب علينا التحرك لمعالجتها"، فرد سلمان "هذا هو سبب توقف الزيارات بعد زيارة الجمري لجمعية لإصلاح، وقد ذكرت أيضا أن على الشيعة ألا يثيروا مخاوف السنة في أمور عدة".

الحل في تجريم التمييز

من جانبه رجح الناشط السياسي عبدالعزيز أبل الحل في "الحاجة إلى معالجة قانونية تمنع التمييز وترتكز عليها الوحدة الوطنية، وستؤتي ثمارها بعد سنوات، وهذا ما حصل في معالجة قضايا التمييز في بريطانيا "التمييز بين طائفتي البروتستانت والكاثوليك المسيحيتين" وفي أميركا "التمييز ضد السود"".

وفي رده على سؤال بشأن "طائفية جمعيته"، أجاب رئيس "الوفاق": الوفاق في تركيبتها طائفية أي ذات غالبية شيعية مع وجود عدد محدود من الأعضاء السنة، وهذا راجع إلى البعد التاريخي الذي لم نستطع الخروج منه كما لا تستطيع مثلآ أن تخرج منه جمعية الإصلاح، إلا أن "الوفاق" أثبتت حسها الوطني ومواقفها الوطنية، مع أنني أقول ان "الوفاق" لم ترتق بعد إلى استيعاب كل الأبعاد الوطنية في تعاملها مع الطرف الآخر.

كما أشار النائب خالد إلى "أن الفقر لا يميز بين شيعي وسني وهناك الكثير من القضايا المشتركة كالمشكلة الإسكانية"، مضيفا "أنا شخصيا لا أميز بين سني وشيعي ويأتيني المواطنون في مدينة حمد من الطائفتين بطلبات كثيرة، كما أرى أن الفقر من واجبنا أن نبعث الاطمئنان النفسي لدى بعضنا بعضا، ولندفن الأمور السابقة وإلا فإنني أتوقع سوادا شديدا للطائفتين"، وعن ذلك قال سلمان: "يجب أن يلتفت الشيعة إلى وجود بطالة وفقر في صفوف الطائفة السنية لنقرأ الوضع قراءة صحيحة ونكون موضوعيين في الطرح

 

 

هذا المقال من صحيفة الوسط

http://www.alwasatnews.com/