في محاضرة له في مجلس الشيخ الجمري

رئيس تحرير الوسط : نحن بحاجة إلى معارضة واقعية من دون خطاب كارتوني

 

بني جمرة - سلمان عبدالحسين

 

19-3-2004م

 

دعا رئيس تحرير صحيفة "الوسط" منصور الجمري في محاضرة له في مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري أمس الأول عن "الديمقراطية بين الفرض الأميركي والحركات الإصلاحية المحلية" الناشطين إلى التخلي عن الخطاب "الكارتوني" الذي يتعامل مع الواقع وكأنه أفلام كارتون. ودعا أيضا إلى عدم التعويل كثيرا على المشروع الأميركي، والذهاب بعيدا في الخيال، معتبرا أن المشروع الأميركي لا يتجاوز تنشيط مؤسسات المجتمع المدني، وتقوية حكم القانون وتعديل المناهج، حاملا على جمود المؤسسات الرسمية من جهة، وسريالية المعارضة وعدم واقعيتها من جهة أخرى.

ولفت الجمري إلى أن مؤسسات المجتمع المدني "حسب التعريف الغربي - الأميركي" لا تصل إلى الحكم وهي تعمل في الجانب التطوعي الذي يشمل كل النشاطات، ولكنها أقل من الدائرة التي تمسك بالحكم. كما حمل من جهة أخرى على الاتجاه القومي المتطرف الذي وضع المناهج العربية في القرن الماضي، والتي ركزت علي الموت "وليس الحياة" من أجل الوطن من دون أن يتحقق شيء من ذلك على الأرض، معتبرا أن هذه المناهج كانت سببا في شيوع ثقافة البؤس والشقاء والموت، بدلا من ثقافة الحياة.

وأضاف: "لا ينافس هذه المناهج في الدعوة إلى موت المواطن "ومن ثم المجتمع" إلا المناهج التي يضعها التيار التكفيري الذي يرى الدنيا أسود وأبيض. وأميركا دعت إلى تغيير المناهج الدراسية، وقد استجابت بعض الدول العربية لهذا الطلب، وبدأت عملها الساعي لتعديل المناهج"، معتبرا أن على الأكاديميين والناشطين المشاركة في تعديل هذه المناهج بدل أن يضعها الأميركان عنهم.

وشدد الجمري على أن تربي في الناس ثقافة القبول بالرأي الآخر والحياة من أجل المجتمع وتطويره عند وضع المناهج، من دون الإخلال بالمبادئ، فهذا أفضل من الحديث عن الموت من أجل الوطن، معتبرا أن الموت قيمة عالية "إذا كانت استشهادا" ولكنها غير كافية إذا لم نستطع خلق الطاقات التي تعيش من أجل مجتمع له مستوى رفيع في مختلف المجالات.

وقال الجمري أيضا: "إن أميركا توقعت حصول مظاهرات في الشارع العربي تنديدا بمشروع "الشرق الأوسط الكبير"، ولكن هذه المظاهرات لم تحصل، ما جعل الإدارة الأميركية مرتاحة لموقف الشارع العربي، إلا أن الذي لم تتوقعه الإدارة الأميركية، هو أن ترفض الحكومات العربية هذا المشروع بالطريقة التي رفضته"، مبينا أن مساعد وزير الخارجية الأميركي مارك غروسمان اجتمع أثناء زيارته في مطلع الشهر الحالي للمغرب ومصر البحرين والأردن وتركيا بمسئولين رسميين كبار، ومنظمات أهلية، ومؤسسات صحافية ما يعتبر في حد ذاته مؤشرا على الأسلوب الجديد الذي تتبعه أميركا في التعامل مع مختلف الأطراف في بلداننا".

وأشار الجمري إلى أن كبار المسئولين في كل البلدان العربية التي زارها غروسمان أكدوا له أن الإصلاح يأتي من الداخل، وأن أية دعوة للإصلاح يجب أن تنطلق من خلال التشاور، وليس بالعمل من وراء ظهورهم، في حين كان رأي قوى المجتمع التشكيك في جدية المشروع الأميركي، معتبرين أن أميركا لو كانت صادقة في دعاوى الإصلاح، لكان لها موقف مختلف مع "إسرائيل". إلا أنه أكد أن الأنظمة العربية - بحسب المنطق الأميركي - سواء وافقت أو لم توافق على المشروع، فإن الأميركان سيمضون فيه، لأن التغيير جدي هذه المرة.

وأوضح الجمري أن مشروع "الشرق الأوسط الكبير" هو الأكثر جدية وتحديا على المنطقة في سلسلة مشروعاتها للعالم العربي والإسلامي.

وتساءل مدير الندوة عبدالجليل خليل عن حميمية الخطاب والنبرة العاطفية التي يخاطب بها الرئيس الأميركي جورج بوش الشعب الأميركي في ضرورة وصول الديمقراطية إلى العالم العربي، وأن الشعوب العربية جديرة بحكم القانون، وبحياة ملؤها الأمل لهم ولأطفالهم. فأجاب الجمري بالقول: إن أميركا حينما دعمت الشاه قبل الثورة الإسلامية في إيران، ودعمته بالقوة، التفتت بعد ذلك إلى أنها خلقت أكبر عدو لها، ويعتبرها "الشيطان الأكبر"، كاشفا عن كون الشعب الإيراني صدر كراهية أميركا إلى الشعوب العربية. ومثل ذلك حينما دعمت نظام صدام حسين، الذي قتل لها العام 1987 بحارة أميركيين من الجنود المارينز، ومع ذلك فقد عفت عنه لكونه حليفها

 

هذا المقال من صحيفة الوسط

http://www.alwasatnews.com