باقر النجار في مجلس الشيخ الجمري:
صورة الوفاق أنها تحمل لاءات كبيرة وترفض الحلول الوسط
2-1-2004
بني جمرة - محرر الشئون المحلية
قال الأكاديمي في جامعة البحرين باقر النجار في محاضرة عن "مستقبل الوفاق" جمعته بعضو اللجنة السياسية في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عبدالجبار إبراهيم في مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري مساء أمس الأول "الوفاق كجمعية سياسية ذات خطاب سياسي ديني شكلت صورة عنها لدى الآخر الذي يختلف معها، وقد تحمل هذه الصورة سمات إيجابية أو غير إيجابية، وجزء من هذه الصورة أنها تحمل لاءات كبيرة ولا تقبل بالدخول في حلول وسط".
وذكر النجار أن بعض الصورة المأخوذة عن "الوفاق" من نسج الخيال، وبعضها من إرث الماضي، ولكن الأهم كما قال هو ممارسات الجمعية على أرض الواقع، لكنه اعتبر أن الحوار مع الوفاق هو ما سيعزز هذه الصورة أو يغير فيها".
وأشار النجار في حديثه عن واقع الأنظمة والمنظمات السياسية العربية إلى أن التاريخ العربي يزخر بالفرص الضائعة، ساعد على ذلك - بحسب النجار - الخوف من المبادرة وتحاشي اللوم والنقد، وهو يولد الاستكانة وتقبل الوضع القائم على حد تعبيره، منبها إلى أن هذه الممارسة تنطبق على دول كما تنطبق على قوى اجتماعية وسياسية، إذ إن هذه القوى - كما قال - عندما تتخطى الحاجز الزمني، تجد أن الكثير من القرارات كان يجب أن تتخذها قبل عشر سنوات، ولكنها تأتي متأخرة.
وشدد النجار على ضرورة مشاركة الوفاق في العملية السياسية، معتبرا أن العملية الانتخابية التي قاطعتها الوفاق هي جزء من المشاركة السياسية، وأن المشاركة السياسية هي تعبير معناه أن الأفراد يرون أنهم جزء من النسق السياسي، ولهم مصلحة في دعمه أو معارضته.
وأوضح أيضا أن المشاركة لا تنفصل عن التنشئة السياسية والثقافة السياسية، مشيرا إلى أنها تنمي روح المبادرة وتحمل المسئولية وتطوير ما هو قائم، إذ أكد في هذا الجانب أن الوفاق ليست منكفئة بالكامل، ولكن الكثير من ممارستها تصب في حال الانكفاء، نتيجة الموروثات التاريخية والاجتماعية، وغياب البوصلة السياسية.
ونبه النجار إلى أن هذه الموروثات فسحت المجال للريبة في النسق السياسي القائم، لكنه اعتبر مبادرة الإصلاح مهمة في تاريخ البحرين المعاصر، وأن تلقف هذه المبادرة سيساعد الفئات المحرومة على الاندماج في العملية السياسية، مشيرا إلى أن الجماعات الشيعية بقيت حبيسة الاغتراب والانكفاء على الذات، وأن الثقافة السياسية السائدة على التعاطي بمرونة وعقلانية مع النسق السياسي القائم.
ودعا النجار إلى إعادة تقييم هذه الثقافة في الوسط الثقافي والشارع ، بتغيير حالات عدم الاكتراث واللامبالاة والسوداوية، مؤكدا أن الوفاق من أقوى الجمعيات السياسية، ولديها قدرة تجييشية وتعبوية للشارع، لا تمتلكها الجمعيات الأخرى، ولكن ليس لديها قوة ضبط للشارع، وذلك نتيجة الوضع الاقتصادي والسياسي الضاغط، داعيا الوفاق إلى المبادرة في ضبط حركة الشارع.
واستشهد النجار بمسيرة يوم الشهداء التي نظمت تزامنا مع احتفالات المملكة بالعيد الوطني، فأكد أن من حق من عانوا في الفترة السابقة أن يحتفلوا بيوم الشهيد، ويطالبوا بإعادة كرامتهم لكنه اعتبر أن المسيرة أوصلت رسالة خاطئة ليست إلى السلطة فقط، وإنما إلى جهات عدة، وهي ليست في صالح الشارع.
وعن تصنيف الوفاق سياسيا، أكد النجار أن الوفاق ليست منظمة طبقية، لأنها تمثل شرائح مختلفة من تكنوقراط ومهنيين وتجار وعامة الشعب، وهو دليل على التنوع الفكري في وسط الوفاق، لكنها ليست حزبا سياسيا وإنما منظمة سياسية بحسب النجار، لأن الأحزاب لها خطاب سياسي واضح ودقيق في تماسك عناصره، في حين أن الأطياف في الوفاق متعارضة في مصالحها واتجاهاتها، وأي خيار ما قد يكون لصالح فصيل على حساب فصيل آخر، وبالتالي يصعب إطلاق اسم الحزب عليها.
وخلص النجار إلى كون الوفاق منظمة سياسية احتجاجية، وهو توصيف بحسب النجار ينطبق على جمعيتي "العمل الديمقراطي" و"المنبر الديمقراطي" كما ينطبق على التجمعات السياسية المعارضة الكبيرة والهامشية، لكنه لفت إلى عدم مواءمة كون الوفاق منظمة احتجاجية وبين كونها منظمة لها قاعدة عريضة.
وقارن النجار بين المنظمات التي تملك قاعدة عريضة واصفا إياها بأنها أقرب إلى الاعتدال والمشاركة، والمحافظة على مصالح جمهورها، في حين أن المنظمات الاحتجاجية تشق طريقها في أوساط الناخبين لرفع شعارات مثل التمييز والبطالة والفقر، فتنعكس بشكل فوري على الجماهير بصورة انفعالية، فتكون اللغة السياسية التي تتبناها لغة فضة، لكون المنظمات الاحتجاجية تلتزم بالتنديد والرفض لممارسات السلطة السياسية.
أما عن مستقبل الوفاق، فأشار إلى أن الوفاق توليفة تعترضها خصومات في المصالح، وصراعات تأخذ طابعا إيديولوجيا وفكريا وشخصيا، وبذلك تكون قابلة - بحسب النجار - إلى التأزم الداخلي، إذ لفت إلى أن الوفاق بها أفراد ذوو تأثير سياسي، ولكنها تشكو من غياب القائد الروحي في الحال الوفاقية، ما سيقود إلى حال من الانشقاق إذا لم يستطع الوفاقيون أن يخلقوا حالا توافقية من الداخل، تتطلب قدرا كبيرا من التنازل.
وأشار النجار إلى أن الوفاق قد تتفكك سلميا بوصول الأطياف والفصائل المختلفة فيها، إلى عدم التقاء، ما سيعجل بحدوث انسلاخات كما حدث في جسم جمعية العمل الديمقراطي، كما حذر من التفكك العنيف، واصفا هذه الحال بالسوداوية والقاتمة، إذ توقع أن تبرز هذه الحال مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خصوصا مع وجود الاختلافات الحادة إزاء هذه الاستحقاقات، وعدم حسم الوفاق لهذه الاختلافات قبل موعد الانتخابات.
وفي ختام حديثه، دعا النجار الوفاق إلى الدخول في التجربة الديمقراطية، والمشاركة السياسية، على اعتبار أن خطاب المشاركة ذو الطابع الاحتجاجي للوفاق من خلال خطاب المقاطعة سيصعد كثيرا، وقد يؤدي إلى التصادم، ما قد يؤدي إلى حل التنظيمات الشيعية من قبل السلطة إذا وجدت أنها لا تحترم قواعد اللعبة السياسية.