في مجلس الشيخ الجمري:
الهرفي: الحوار مع الارهابيين في السعودية موضع جدل
بني جمرة - الوسط -
2004-6-30
استضاف مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري مساء أمس الأول المفكر السعودي محمد الهرفي
الذي ألقى محاضرة بعنوان: "بين العنف والحوار في المملكة العربية السعودية" وبدأ
المحاضر حديثه بالقول إن البعض يرى الحوار مع الجماعات الإرهابية عديم الجدوى فيما
آخرون يرون أنه الأساس وخصوصا أن العلاج الأمني ليس هو الأمثل على رغم أنه قد يكون
جزءا من الحل لكنه في الوقت ذاته ليس حلا.
وقال: إن الإسلام أرسى قواعد الحوار كجزء من العقيدة ويتجلى بمحاورة الله سبحانه
وتعالى مع إبليس معتبرا ذلك ردا على من يدفع بعدم جدوى الحوار مع الإرهابيين الذين
يرتكبون الجرائم. وأضاف ليس من الضرورة أن ينتهي الحوار إلى اتفاق المتحاورين إذ لا
يعتبر ذلك من طبيعة الحوار مشيرا إلى أهمية إيجاد نوع من التقارب لمعرفة ما لدى
الطرفين واستشهد المحاضر بالتاريخ الإسلامي الذي طبق أسلوب الحوار داعيا إلى أن
يكون المتحاورون على قدر كبير من ضبط النفس لأن الحوار قضية عقلية يتوجب أن تكون
جزءا من الثقافة العامة.
وقال الهرفي إن المملكة العربية السعودية شهدت منذ سنوات سابقة دعوات للإصلاح من
مختلف طبقات المجتمع وتوجهاته إذ رفعت الكثير من الخطابات إلى ولي العهد السعودي
والمطالبة بالإصلاح نتيجة ظروف استجدت على العالم العربي ككل مرجحا أن يكون احتلال
العراق سببا مباشرا لشعور الكثير من المثقفين السعوديين بوجود خطر حقيقي وأنه إذا
لم يتم تطبيق إصلاحات حقيقية فإن ذلك سيؤدي إلى أخطار تصيب الناس جميعهم ابتداء من
الحكومة وانتهاء بأصغر فرد في المجتمع.
وأوضح أن المثقفين عقدوا لقاءات حينها مع ولي العهد السعودي الأمير عبدالله ومجموعة
من الأسرة الحاكمة ودارت نقاشات اتسمت بالصراحة والجرأة. ثم نشأت فكرة الحوار
ومحاولة الأمير عبدالله شخصيا أن ينشئ مركزا للحوار تطرح فيه القضايا على مختلف
الأصعدة ويدعى لها أناس من مختلف التوجهات من رجال ونساء. وكان أولها في الرياض
حينما عقد من دون الإعداد له بصورة جيدة وتلاه حوار آخر في مكة المكرمة وناقش قضية
العنف والإرهاب بصورة موسعة. وسلط الضوء على المناهج الدراسية التي قد تدعو إلى
العنف والإرهاب سواء ضد المسلمين في المملكة أو بعض الطوائف وخصوصا الشيعة
والصوفية، كما ناقش محتوى المناهج ضد غير المسلمين مثل النصارى واليهود، إضافة إلى
مناقشة قضية العلاقة بين الحاكم والمحكوم وما ينبغي أن يفعله الأول حتى يتقلص
الإرهاب أو ينتهي وقد اتخذ في القضايا التي طرحت مجموعة من التوصيات، وتلا ذلك
المؤتمر الثالث الذي عقد في المدينة المنورة وركز على قضايا المرأة والدعوة إلى
التفريق بين العادة والعبادة في السعودية. وقال المحاضر إن العادة تتغلب على قضية
العبادة في المملكة، ففي حين يعتقد الكثير من الناس في مجال معين الحرام وهو في
الأصل الشرعي ليس حراما ككشف وجه المرأة كمثال، إذ لا يوجد في المذاهب الإسلامية
جميعها من يقول إن المرأة إذا كشفت وجهها قد ارتكبت محرما.
وأضاف الهرفي إن المؤتمرات الحوارية الثلاثة لم تحقق نتائج تذكر حتى الآن قائلا: إن
ذلك لا يعني بالضرورة عدم وجود أجندة وتخطيط لإيجاد نتائج لهذه الحوارات، كاشفا في
الوقت ذاته عن وجود لجان تعمل حاليا في المناهج الدراسية لتنقيتها، مما يمس أية
طائفة في السعودية ومحاولة تهذيب هذه المناهج إلى أصحاب الديانات الأخرى.
وفي الموضوع قال المحاضر إن عددا لا يستهان به في السعودية يقف ضد أي تغيير في
المناهج وخصوصا أصبح أنه عند كثير من الناس قناعة أن هذه التغييرات بإملاءات
أميركية فقط، وتحدث الهرفي عن وجود رأي آخر يقول إن التغيير جزء من طبيعة الإنسان
للبحث عن الأفضل. وكشف أيضا أن الأمير عبدالله وعد أن تأخذ التوصيات طريقها إلى
التطبيق، لكنها بحاجة إلى بعض الوقت لتنفيذ ذلك بصورة هادئة، وقال "الذي يعرف طبيعة
المجتمع السعودي يجد أن بعض هذه المسائل بحاجة في تنفيذها إلى الوقت وأخرى لا تحتاج
إلى ذلك وهو ما أوضحه المجتمعون أيضا مع الأمير نايف والأمير سلمان وخصوصا في قضية
الإصلاحات الإعلامية والاقتصادية ومحاربة الفقر والبطالة لأن مثل هذه القضايا تعتبر
جزءا من مسببات العنف في المملكة العربية السعودية، ما يجعل المواطن السعودي يترقب
التغيير في هذه الجوانب".
كما تطرق المحاضر إلى ما يجري في السعودية من خطف الرهائن الأجانب وتنفيذ عمليات،
قائلا: إنها ردات فعل للسياسة الأميركية في تعاملها مع العرب والمسلمين عن طريق
استهداف المصالح الأميركية.
هذا المقال من صحيفة الوسط