الأربعاء
20 - 4 – 2005م
في ندوة "قانون مكافحة الإرهاب" بمجلس الجمري
الشملاوي: قانون الإرهاب "كارثة"... وعبدالعال يقول إنه رسالة إلى واشنطن
بني جمرة - حيدر محمد
قال عضو الكتلة الاقتصادية بمجلس النواب النائب جاسم عبدالعال إن "مشروع قانون مكافحة الإرهاب تريد الحكومة سنه لبعث رسالة "تسكين روع" إلى الدول الغربية التي لها جاليات في المملكة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية بأن البحرين لديها من القوانين والتشريعات الصارمة التي لا تجعل البعض يتخذها أرضية خصبة لممارسة الإرهاب".
جاء ذلك في الأمسية التي أقامها مجلس الشيخ الجمري مساء أمس لمناقشة مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي تضمن ديباجة وخمسا وثلاثين مادة وأرسلته الحكومة إلى مجلس النواب لينظر بصفة الاستعجال.
ونقل عبدالعال عن جلالة الملك الذي التقى السلطة التشريعية، قوله إن مشروع القانون رفع إلى جلالته على عجل، وكان جلالة الملك متخوفا من بعض مواده، ما حدا به إلى دراسته مرة أخرى خلال زيارته لشرم الشيخ، وأوعز إلى أعضاء المجلس الوطني ترشيد القانون وفقا لمصلحة الوطن والمواطن.
وأشار عبدالعال إلى أن مشروع القانون "سيعرض على اللجنة التشريعية في المجلس لمعرفة إذا ما كانت بعض بنوده متعارضة مع أحكام الدستور، فضلا عن عرضه على اللجنة المختصة وهي لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني لدراسته باستفاضة واستشارة ذوي الاختصاص بشأنه".
وأوضح عبدالعال أن مواد القانون "تحمل الكثير من العبارات المطاطة التي تحمل أكثر من معنى وفقا للتفاسير القانونية المختلفة، من قبيل لفظة الإرهاب التي استخدمها القانون غير مرة، وتكمن الخطورة إلى غياب مصطلح دولي جامع مانع لتعريف هذه المفردة التي يتعسف في استخدامها دون وجه حق، ولنقس على ذلك المفردات الأخرى"، داعيا مؤسسات المجتمع المدني وخصوصا الجمعيات السياسية والناشطين الحقوقيين إلى مؤازرة المجلس النيابي على تعديل هذا القانون لكيلا يكون مصادرا للحريات كما هو واضح في شكله الحالي.
فيما أكد الناشط والمحامي عبدالله الشملاوي أن "البحرين مصدقة على الاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب وعلى معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي، فضلا عن غيرها من المراسيم الداخلية، وبالتالي تكفي تلك المنظومة القانونية الواردة في ديباجة المشروع لنظم أي نشاط إجرامي، دونما حاجة إلى إصدار هذا القانون؛ ولاسيما بعد تصديق البحرين على المعاهدات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، وصيرورة تلك المعاهدات جزءا من النسيج القانوني لمملكة البحرين"، معتبرا أن إصدار هذا القانون بصورته المعروضة على مجلس النواب، أمرا لا ضرورة له، بل إن من الضروري عدم صدوره لما فيه من تشدد غير محمود في العقوبات وغياب الصناعة التشريعية عنه".
ورأى الشملاوي أن لا عذر للبحرين في سن هذا القانون، لأن الدول الشقيقة التي تتعرض لهجمات إرهابية يومية لم تشرع قانونا مماثلا على رغم حاجتها إليه، "ويمكن التماس العذر لصناع القرار في بعض الدول المجاورة التي وقعت فيها حوادث إرهابية بشكل يومي، أما في البحرين، وهي بمنجاة من الإرهاب، فلا نجاوز الحق إن قلنا إن هذا القانون يخلق إرهابا للناس، من جهة سعة عباراته وغموض مصطلحاته كحديثه عن المساس بالوحدة الوطنية أو إحداث كارثة أو إثارة أفكار متطرفة أو إثارة الفتنة استنادا إلى دلائل، وهي عبارة أكثر غموضا من العبارات الأخرى، ومضاعفة العقوبات من المؤقت إلى المؤبد، وتكرار ورود عقوبة الإعدام في أكثر من موضع بين ثنايا نصوصه، على رغم أن عقوبة الإعدام من المسائل التي تصارعت فيها الفلسفات والعواطف والمعتقدات، إذ كانت هذه العقوبة كالسيف المسلط في يد الدولة ترهب به معارضيها وأعداء أنظمتها القانونية".
وتابع الشملاوي حملته على المشروع، قائلا: "لقد عاقبت المادة الخامسة من مشروع القانون بالسجن المؤبد كل من أحدث عمدا كارثة بأية وسيلة من وسائل النقل. ومن العسير أن نضع حدا لكلمة كارثة أو أن يبين مصاديقها، وبالتالي سيكون بالإمكان إدخال كل من يراد به شرا بأن ينسب إليه بأنه أحدث كارثة، ولاشك أن هذا الأمر كارثة في ذاته "..." كما تميزت نصوص مشروع هذا القانون بأنها قيدت حركة القاضي حين ألزمته بالحكم بالسجن أو الحبس والغرامة، وليس كما هو المعتاد في التشريعات الجنائية المقارنة التي تصدر في ظروف اعتيادية".
وفي تعليقه الرابع قال الشملاوي: "جرمت الفقرة الثانية من المادة 12 من المشروع محل البحث كل من حاز أو أحرز بالذات أو بالواسطة مطبوعا يتضمن الترويج أو التحبيذ إذا كان معدا للتوزيع أو لاطلاع الغير عليه، وكذلك كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أيا كان نوعها، استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة ذلك الترويج أو التحبيذ"، مشيرا إلى أن هذه المادة تكفي وحدها لاعتقال آلاف الناس "لو شاءت السلطة ذلك" بأن يوزع أحد منشورا فيه تعرض للدولة، ثم تكبس الشرطة المكان فتجد عند غالبية المصلين نسخة عن المنشور، فيساقون إلى المعتقل جميعا.
وزاد قائلا: "أسندت المادة 30 من المشروع إلى مأمور الضبط القضائي إذا توافرت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو في حال التلبس بها "..." ومعلوم أن مأمور الضبط القضائي هو جهاز الأمن الوطني "أمن الدولة"، كما يظهر ذلك من القرار الوزاري رقم 2 لسنة 2003 الصادر عن وزير العدل بناء على قانون الإجراءات الجنائية رقم 46 لسنة ،2002 إذ يخول أعضاء وأفراد جهاز الأمن الوطني والمنتدبين للعمل به عن صفة مأمورة الضبط القضائي بالنسبة إلى جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، ومعلوم أن كلمة دلائل من السعة بحيث تطلق يد الضبط القضائي في اعتقال من تشاء، وهي العبارة التي كانت سائدة في نصوص المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة الذي أطاح بالتجربة النيابية في مطلع السبعينات وأدخل البحرين في نفق مظلم زهاء ربع قرن، ونرى العبارة ذاتها تتكرر في مشروع القانون هذا".
وختم حديثه الشملاوي بقوله: "إن مشروع قانون الإرهاب بصفته الحالية تشريع يدين على الدلائل والشبهات، متشدد إلى حد التشنج، فضفاض الصياغة إلى حد الغموض موغل في مضاعفة الحدود القصوى للعقوبات السالبة للحرية وفي تقرير حكم الإعدام في أكثر نصوصه؛ فإن ذلك يجعله متخلفا عن ركب الحضارة والتمدين القانوني، وخصوصا أن عقوبة الإعدام قد ألغاها الفراعنة سنة 703 ق.م، فإذا أضفنا إليها 2005 سنوات، فنكون متأخرين عن مسيرة النظم القانونية العريقة بـ 2700 سنة، وذلك أمر لا يدعو إلى الفخار".
لقراءة نص محاضرة الأستاذ عبدالله الشملاوي
للإستماع
بعض اللقطات المصوّرة للمحاضرة