كتب - خالد رضي:

قال الناشط الحقوقي عبد النبي العكري: إن جزءاً من مصداقية الانتخابات هو قبول الأطراف المشاركة بنتائجها، محذراً من خطورة التأسيس في انتخابات البحرين لتجربة ديمقراطية جديدة بشكوك، داعياً المعارضة إلى رصد المخالفات في حال وقوعها، وإلى المبادرة بالطعن في النتائج في حال ثبوت المخالفات.

 ودعا العكري إلى التوافق بين الحكومة والمعارضة على المعايير المرتبطة بنزاهة وعدالة الانتخابات القادمة، لافتاً إلى عدم وجود معايير دولية مكتوبة وإنما متفق عليها بحيث يحكم على نزاهة الانتخابات بحسب مسارها واتفاق المشاركين والمراقبين على سلامتها من المخالفات والخروقات.

 

وفيما طالب العكري خلال ندوة له بمجلس الجمري مساء أمس الأول الحكومة عبر أجهزتها السياسية والعسكرية والأمنية بأن تكون محايدة وتنأى بنفسها عن أن تكون طرفاً بين القوى السياسية المتنافسة، دعا العكري أيضاً المؤسسات الأهلية الدينية والخيرية إلى عدم تجيير أموالها وتأثيرها المجتمعي لصالح مترشح على حساب آخرين، والاكتفاء ببيان المواصفات العامة للمترشح المفترض، وفسح المجال للناس باختيار مرشحيهم بحرية، منتقداً فتاوى تطلق داخل مساجد بتكفير مسلمين آخرين في المجتمع باعتبارها مظاهر أخرى على عدم الالتزام بمعايير العدالة والنزاهة في الانتخابات.

وانطلق العكري في حديثه عن متطلبات الانتخابات الحرة النزيهة العادلة من البيان العالمي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة الذي يقر حق أي شعب في انتخاب ممثليه من خلال انتخابات عامة، مشيراً إلى وجود إدارة تابعة للأمين العام تعنى بالتدريب والإشراف على الانتخابات في العالم، مبدياً استغرابه من عدم طلب مملكة البحرين كدولة حديثة مساعدة الأمم المتحدة في التدريب أو الإشراف رغم الخبرة الطويلة للأمم المتحدة في هذا المجال التي استفادت منها أكثر من ٠٦ دولة حول العالم، سواء بطلب الإشراف العام كما حدث في تيمور الشرقية، أو الإشراف الجزئي كما حدث في كوسوفو، والبوسنة والهرسك، وفي لبنان.

ودعا العكري حكومة البحرين إلى طلب المساعدة من الأمم المتحدة أو الموافقة على الطلبات التي تقدمت بها المؤسسات الدولية المعنية بمراقبة الانتخابات، والتي كان لها دور في تقديم سلسلة محاضرات وندوات للمجتمع المدني في البحرين حول مسألة الحكم الصالح ودور الانتخابات في تثبيت الحكم الرشيد.

وقال العكري: إن البحرين عضو في منظمة الدول الديمقراطية الجديدة أو المستعادة التي عقدت مؤتمرها الأخير في الدوحة بمشاركة ٢١١ دولة ناقشت معايير واشتراطات الانتقال إلى الديمقراطية، كما أن البحرين عضو في منظمة الديمقراطيات الناشئة التي تضم ٦٦ دولة، مضيفاً أن البحرين منذ التصويت على ميثاق العمل الوطني تعلن عن نفسها مملكة دستورية وأن نظامها ديمقراطي، الأمر الذي يجعل مسألة الانتخابات النزيهة العادلة قضية أساسية لا غنى عنها باعتبارها آلية مهمة في أي نظام ديمقراطي.

وفي حديثه عن شروط الانتخابات النزيهة العادلة، قال العكري: إن أول هذه الشروط أن تكون الدولة محايدة تماماً بحيث لا تكون طرفاً بين القوى المتنافسة، مؤكداً في نفس الوقت على وجود تداول سلمي للسلطة عبر معارضة حقيقية وليس معارضة »تجميل للنظام« وإلا كانت هناك شكوك حول الانتخابات.

وفيما يتعلق برقابة الدولة على الانتخابات كما هو معمول به في بعض دول العالم قال العكري: إن غالبية الدول في الديمقراطيات العريقة والثابتة لا توجد لديها مشكلة في هذا الجانب لأن الدولة غير متماهية مع الحكومة في مقابل الناخبين كما هو الحال في بريطانيا حيث إن وزارة الداخلية تشرف على الانتخابات، وكما في الولايات المتحدة التي يشرف القضاء فيها على الانتخابات، ولكن المشكلة في الأنظمة الأخرى حيث توجد هيئة للانتخابات يتبع لها المتنافسون بما فيهم المعارضة، كما هو الحال في مصر التي طرحت فيها المعارضة دور القضاء الشامل بديلاً عن الإشراف الجزئي للقضاء في مراقبة الانتخابات، مما يثير الشكوك حول نزاهتها لأن القضاء غير مطلع على مدى مطابقة لوائح الناخبين للواقع الفعلي كما أنه غير مراقب لحركة تمويل الحملات الانتخابية، وهو ما يفسر حركة القضاة الأخيرة في نادي القضاة.

أما في الانتخابات اليمنية الرئاسية الأخيرة فقد أشرفت عليها هيئة وطنية تضم شخصيات مستقلة وممثلين عن جميع الأحزاب المتنافسة، وهي تجربة أكثر تقدماً من مصر، حيث وجدنا الهيئة المشرفة أبطلت ٧٤ صندوقاً للاقتراع، كما أقر تقرير الهيئة مخالفات وتجاوزات حدثت خلال عملية الانتخابات.

وعن قانونية مشاركة العسكريين في الانتخابات قال العكري: إن الأجهزة الأمنية والعسكرية في غالبية الدول لا تشارك في الانتخابات باستثناء الولايات المتحدة التي إلى وقت قريب تعتمد على المجندين الذين لا يتجاوز وجودهم في الجندية أكثر من سنتين قبل أن ينخرطوا في الحياة العامة، أما في غالبية الدول الأخرى فإن العسكريين محيّدون، وهو أمر ضروري في حالة الأنظمة التي لا تفرق فيها بين الولاء للحكم والولاء للدولة.

كما أكد العكري في سياق حديثه عن شروط نزاهة الانتخابات عن تأثير الأموال وضرورة اعتماد مبدأ الشفافية في حركتها، مشيراً إلى أن ألمانيا لجأت فيها الدولة إلى تمويل الحملات الانتخابية بحسب الأصوات التي تحصل عليها الأحزاب في الانتخابات السابقة، فيما وضعت الولايات المتحدة سقفاً لتمويل المرشح لا يتجاوز ٥٪ من الجهة الممولة مع وجود نظام محاسبة دقيق لمعرفة طريق جمع وصرف الأموال في تمويل الحملات الانتخابية.

كما تحدث العكري عن تأثير الإعلام وتجارب الدول في إتاحة الفرص المتساوية للمترشحين للظهور عبر وسائل الإعلام المختلفة.

وحول الشفافية دعا العكري إلى إتاحة قوائم الناخبين للمترشحين، معتبراً ذلك إحدى ضمانات نزاهة الانتخابات في ظل تأكد المترشحين من عدم وجود تجاوزات بهذا الخصوص، مؤكداً وجود قصور شديد في توفير المعلومات سواء للجمعيات السياسية أو المترشحين المستقلين أو جمعية الشفافية وجمعية حقوق الإنسان.

كما انتقد وجود مراكز عامة متنقلة للانتخابات قائلاً: إن ذلك غير معروف حتى في أريزونا وألاسكا.

هذا المقال منقول من صحيفة الأيام البحرينية بتاريخ 15-11-2006م